بسم الله الرحمن الرحیم


هذه رسالة تشتمل على مسائلَ ادّعى فیها الشیخُ الإجماعَ مع أنّه نفسَه خالف فی حکم ما ادّعى الإجماعَ فیه ، أفردناها للتنبیه على أنْ لا یَغْترّ الفقیهُ بدعوى الإجماع، فقد وقع فیه الخطأُ و المجازفةُ کثیراً من کلّ واحدٍ من الفقهاء سیّما من الشیخِ و المرتضى رحمهما الله.

1- فممّا ادّعى فیه الإجماعَ مِن کتابِ النکاحِ دعواه فی الخلاف الإجماعَ على أنّ الکتابیّة إذا أسلمت و انقضتْ عِدّتُها قَبلَ أن یُسلِمَ الزوجُ یَنْفَسِخُ النکاحُ و قال فی النهایة و کتابَی الأخبار: لا ینفسخُ النکاحُ بینهما، و لکن لا یُمَکّنُ من الدخولِ علیها لیلًا، کما فی الروایةِ.

2- و منها: أنّه ادّعى فیه الإجماعَ على کَراهةِ وطء الأمة إذا اشتراها حاملًا. و أفتى فی النهایةِ بالتحریمِ قبلَ مُضیّ أربعةِ أشهرٍ و عشرةِ أیّام.

3- و منها: أنّه إذا ملک الرجلُ أمةً و لمسها، أو نظر منها إلى ما یَحْرُمُ على غیرِ المالک، قال فی الخلاف: تحرم على أب اللامسِ و ابنِه، و کذلک تحرمُ أُمّها و إنْ علتْ و بنتُها و إنْ سفلتْ على المولى؛ مُحْتَجّاً بإجماعِ الفرقةِ. و فی موضعٍ آخر مِن الکتاب خصّ التحریمَ بالنظرِ إلى فَرجِها.

4- و منها: أنّه ادّعى فی الخلاف الإجماعَ على أَنّ من تزوّج حرّةً على أمةٍ، کان للحرّة الخیارُ فی نفسِها لا فی عقد الأمةِ. و فی التبیان ذهب إلى تخییرِها بین فسخ عقدِ نَفسِها و فسخِ عقد الأمةِ.

5- و منها: أَنّه ادّعى فی المبسوطِ الإجماعَ على الفسخِ بالجبّ متى وُجِدَ. و قال فی موضعٍ آخرَ منه:و عندنا لا یردّ الرجلُ من عیبٍ یحدثُ بِه إلا الجنون، و هو یُشعر بدعوى الاتّفاقِ علیه أیضاً.

6- و مِن کتابِ الطلاقِ، منع فی الخلافِ من طلاقِ الولیّ عن المجنونِ؛ محتَجّاً بإجماع الفرقةِ. و فی النهایة جوّزه.

7- و منع فی الخلاف أیضاً من وقوعِ الطلاقِ بالکتابةِ مطلقاً؛ محتَجّاً بالإجماع. و فی النهایة جوّزه للغائب.

8- و منع فیه من إرث المطلق مریضاً زوجتَه إذا کان الطلاقُ بائناً؛ محتجّاً بإجماعِ الفرقةِ. و فی موضعٍ آخرَ منه بالإجماع مطلقاً. و فی النهایة أثبت التوارثَ بینهما فی العدّة البائنة و الرجعیّةِ.

9- و کذلک ادّعى فی الخلاف و المبسوط معاً الإجماعَ من أَهل العلم على أنّ الحامل بتوأمین لا تَبینُ إلا بوضع الاثنین. و فی النهایة حکم بأنّها تبِینُ بوضعِ الأوّلِ و لا تُنکَحُ حتّى تضعَ الثانی.

10- و من کتاب الظهار فی الکفارة، قال فی الخلاف: إذا کان له عبد قد جنى عمداً لم یجز إعتاقه عن الکفّارة، و إن کان خطأً جاز؛ و احتجّ علیه بإجماع الفرقةِ. و عکس فی المبسوط و قال: الذی یقتضیه مذهبُنا أنّه إن کان عمداً نفذ العتقُ، و إن کان خطأً لم یَنفُذْ.

11- و جوّزَ فی الخلاف دفع الکفّارةِ إلى الصغیر؛ محتجّاً بالإجماع و فی المبسوط منع من ذلک، و اعتبر قبضَ ولیّه.

12- و من کتاب الإیلاء، شرط فی الخلاف تجریده عن الشرط؛ محتجّاً بالإجماع. و فی المبسوط جوّز وقوعَه معلّقاً على الشرطِ و الصفةِ.

13- و قال: فی الخلاف: إذا وطئ المولى بعد مدّة التربّصِ وجب علیه الکفّارةُ؛ محتجّاً بإجماع الفرقة. و فی المبسوط قوّى عدمَ الکَفّارةِ و خصّها بما لو وطئ فی المدّةِ.

14- و من کتاب العتق، ادّعى فی الخلاف الإجماعَ على السرایةِ مع انتقال الشقص إلیه بغیر الاختیار کالإرث. و فی المبسوط اختار عدمَ السرایةِ بذلک.

15- و من کتاب النذر، قال فی الخلاف: إذا نذر أنْ یَهْدِیَ هَدْیاً و أطلق ینصرف إلى النَّعَمِ، و تُعتبر فیه صفاتُ الأُضحیّة؛ محتجّاً بإجماع الفِرقةِ. و قال فی المبسوط: یُجْزِئُ کلّ مِنْحَةٍ حتّى الدُّجاجةِ و البیضةِ و التمرِ و غیرِها.

16- و من کتاب الصید، قال فی الخلاف: لا یُشترطُ فی الکلبِ أنْ یعلّمَه المسلمُ فلو علّمه مجوسی و أرسله المسلمُ حلّ مقتولُه؛ و استدلّ علیه بإجماع الفرقةِ و أخبارِهم. و قال فی المبسوط: إن علّمه مجوسیّ فاستعاره المسلمُ أو غَصَبه فاصطادَ بهِ، قال بعضُهم: لا یحلّ، و هو الأقوى عندی.

17- و من کتاب الأطعمة، قال فی الخلاف: الغُراب کلّه حرام؛ محتجّاً بإجماع الفرقةِ و أخبارِهم. و قال فی النهایة: یکره أکلُ الغِربانِ مطلقاً و فی الاستبصار و التهذیب صرّح أیضاً بالکراهة دون التحریم فی الجمیع. و فی المبسوط حرّم الکبیرَ الأسودَ الذی یَسکُن الجبالَ، و الأبقعَ. و قال فی غراب الزرع و هو الزاغ و فی الغُدافِ و هو أغبرُ أصغرُ منه: قال قوم: یحرم، و قال آخرون: هو مباح، و هو الذی ورد فی روایاتنا مع أنّه لم تُوجد بذلک روایة أصلًا.

18- و قال فی النهایة: إنّ مَن استحلّ أکلَ الجِرّیّ و المارماهی وجب علیه القتل. ذکر ذلک فی کتاب الحدود منها، و هو یقتضی الإجماعَ على تحریمهما من المسلمین فضلًا عن الفرقةِ؛ لأنّ مخالف إجماع الفرقة خاصّةً لا یُقتل عنده و لا عند غیره بالإجماع. مع أنّه فی النهایة أیضاً فی کتاب الأطعمةِ جعلهما مکروهین. و هذا غریب عجیب.

19- و قال فی الخلاف: إنّه لا یجوز للمضطرّ تَناوُلُ الخمرِ للعطشِ و لا لغیره مطلقاً محتجّاً بإجماع الفرقةِ. و جوّزه فی النهایة.

20- و من کتاب الغصب، قال فی الخلاف: لو جنى على بعضِ أعضاء دابّةٍ، فکلّ ما فی البدن منه اثنان ففیه القیمةُ، و فی أحدهما نصفُها؛ محتَجّاً بالإجماعِ. و فی المبسوط حکم بالأرش فی أطراف الحیوان مطلقاً، دابّةً و غیرها، کقولِ الجماعةِ.

21- و من کتاب المیراث، قال فی الخلاف: إن کان المُعِتقُ رجلًا ورث الولاءَ أولادُه الذکورُ و الإناثُ، و استدلّ علیه بإجماع الفرقةِ. و فی النهایة و الإیجاز یرثه الذکور دون الإناث. و اختلف کلامه فی الاستبصار ففی العتق اختار مذهبَه فی النهایة، و فی المیراث اختار مذهبه فی الخلاف.

22- و فی میراث الخنثى، قال فی الخلاف یورث بالقرعةِ؛ محتَجاّ بالإجماعِ. و فی المبسوط و الإیجاز: یورث نصفَ النصیبین.

23- و من کتاب القضاء، قال فی الخلاف: إذا حلف المدّعى علیه ثمّ أقام المدّعى البیّنةَ بالحقّ لم یحکم له بها، و ادّعى علیه إجماع الفرقة و أخبارَهم. و قال فی المبسوط: تسمع. ذکره فی فصل ما على القاضی و الشهود. و فصّل فی موضع آخر منه بسماعها مع عدم علمه بها أو نسیانه.

24- و قال فی الخلاف: لا یقضى على المنکر بالنکول، و ادّعى فیه الإجماعَ. و فی النهایة اختار القضاء بالنکول.

25- و قال فی الخلاف: لو تعارض قدیمُ الملک و الیدِ فالیدُ أولى؛ مستدلةً بالإجماع. و فی المبسوط رجّح قدیمَ المِلکِ.

26- و من کتاب الشهادات، جعل فی الخلاف المُسلِمُ على العدالةِ إلا أنْ یظهرَ منه الفسقُ، مُحْتجّاً بالإجماع. و خالف فی غیره.

27- و من کتاب الحدود، قال فی الخلاف: لا ینتصف حدّ القذف على العبدِ، محتَجّاً بالإجماع. و حکم فی المبسوط بتنصیفه علیه.

28- و فی باب الارتداد، حکم فی الخلاف بأنّ الولد من المرتدّ حالَ ارتداد أبویه یجوز استرقاقه إن وُلد فی دار الحرب لا فی دار الإسلام؛ محتَجّاً بالإجماع و الأخبار. ذکر ذلک فی کتاب قتال أهل الرِّدّةِ. و ذکر فی کتاب المرتدّین من الخلاف و المبسوط: أنّه یجوز استرقاقه مطلقاً، مصرّحاً بعدم الفرقِ بین الدارین. و فی المبسوط قول ثالث فی کتاب قتال أهل الرِّدّةِ: إنّه لا یسترقّ مطلقاً، مصرّحاً بعدم الفرق بین الدارین.

29- و من کتاب القصاص: إذا کان المدّعى علیهم القتلُ للواحد أکثر من واحد مع اللوث توجّهتْ علیهم الیمین، فهل یتوجّه علیهم خمسون یمیناً أم یجب على کلّ واحدٍ خمسون یمیناً؟ ذهب الشیخُ فی الخلاف إلى الثانی محتجّاً بالإجماع و الأخبار. و ذهب فی المبسوط إلى الأوّل.

30- و فی القصاص أیضاً قال فی المبسوط: إذا قطع إنسان یَد غیرِه، و قطع آخرُ رِجْلَه، و أوضحه ثالث، فسرى إلى نفسه؛ کان ولیّه مخیّراً بین أن یقتصّ فی الجَراح، فیقطع القاطع، ثمّ یقتله، و یُوضح الذی أوضحه، ثمّ یقتله. و قال فی الخلاف: إن أراد ولیّ الدم قَتْلَهم قَتَلَهم، و لیس له أن یقتصّ منهم ثمّ یقتلهم، و نقل عن الشافعی جوازَه، ثمّ احتجّ على المنع بإجماع الفرقة و أخبارِهم.

31- و قال أیضاً فی موضع من المبسوط فی أوّل فصل الشجاج، و فی الخلاف: إذا قطع فاقدُ الإصبع یداً تامّةً قطعتْ یدُه و أُخِذَتْ منه دیةُ الإصبع؛ و احتجّ علیه فی الخلاف بالإجماع. و فی موضعٍ آخرَ من المبسوط فی الفصل المذکور بعد ذلک بنحوِ أربع ورقاتٍ: یُجْزِئ إن کان ذلک خِلقةً أو بآفةٍ من الله تعالى، أمّا لو استحقّ دیتَها لم یُجْزئ بل مع دیة الإصبع.

32- و من کتاب الدیات، ادّعى فی الخلاف الإجماعَ على أنّ فی قلع السنّ السوداء ثلثُ دیتها. و ذهب فی النهایة إلى أنّ فیها رُبع الدیةِ.

33- و قال فی الخلاف أیضاً: إنّ فی الجَفنِ الأعلى ثلثی دیةِ العین و فی الأسفل الثلثَ؛ و احتجّ علیه بالإجماع و الأخبار. و قال فی النهایة: فی الأعلى الثلثُ، و فی الأسفل النصفُ. و قال فی المبسوط: فی کلّ واحدٍ من الأجفانِ رُبع الدیةِ.

34- و قال فی الخلاف: فی دیة الخُصیتین: إنّ فی الیمنى الثلثَ و فی الیسرى الثلثین محتجّاً بالإجماعِ و الأخبار. و قال فی النهایة و المبسوط: إنّ فی کلّ واحدةٍ النصف.

35- و إذا قتل القاتلُ عمداً قَوَداً فهل تجب الکفّارةُ فی ما له؟ قال فی الخلاف: نعم؛ محتجّاً بالإجماع و الأخبار. و قال فی المبسوط: لا تجب.

36- و قال فی الخلاف: لا یدخل الآباء و الأولاد فی العقل؛ محتجّاً بالإجماعِ. و قال فی النهایة: یدخلون فیه.

رسائل الشهید الثانی (ط – الحدیثة)،ج2، ص847